بداخل ذلك البيت الهادئ كانت تجلس على المصلية تختم صلاتها لتسمع صوت الباب يُفتح وتدخل أسيل حفيدتها طالبة ثانوية.
أسيل بصراخ وسعادة:
_وأخيرًا انتهت الدراسة الواحد كان فقد الأمل إنه يطلع من تحت إيد الوزير.
ليتخطاها ابن خالها ويلعب بخصلاتها ويدعى سليم في الجامعة:
_لأ لأ عايزك تكسبي مناعة كده يا بطل لسه تالتة ثانوية والكلية.
حركت رأسها بتذمر:
_سيب شعري.
ليدخل أخاها آسر بالمرحلة الجامعية أيضًا:
_يا سليم سيبها ده كل تأخيرنا ده بسبب شعر الهانم.
ظلت أسيل تحرك شعرها بوجههما:
_ومالها الهانم إن شاء الله.
دخلت ديما أخت سليم وسحبت أسيل من أمامهما:
_ فكك منهم يلا نشوف تيتا.
دخلت الفتاتان وتبعهما آسر وسليم وبعد السلامات كانت تجلس بيلسان_الجدة_ وحولها الأحفاد.
بيلسان بإبتسامة وهي ترى أحفادها فمنذ الدراسة وقلت زياراتهم:
هتقعدوا كتير المرة دي صح أصلكم وحشني أوي.
أسيل بحزن:
_هو أسبوع وهضطر أرجع.
بيلسان بحزن:
_ليه يا أسيل.
أسيل وهي تندب حظها:
_داخلة على تالتة ثانوي وكده يا بيلي بس متخفيش أنا هروح أسبوعين عشان أصحابي ونلحق نُخرج وبعدين هنرجعلك كُلنا ونصيف بقى.
تحدث آسر بإبتسامة حزينه هو الآخر:
بالنسبة ليا أسبوع أو أسبوع ونص كده عشان الشغل.
سليم مؤيدًا آسر:
_وأنا يا بيلي برضو نفس كلام آسر.
ديما وهي تريح جسدها على الأريكة:
_أما أنا وأعوذوا باللّه من كلمة أنا دي بما إني متخرجة ها متخرجة (قالت كلماتها وهي تغيظ البقية) هفضل معاكِ لآخر الأجازة.
ثم أكملت وكأنها تحزر جدتها من إزعاجها:
_ ولو صحتيني بدري همشي مع ديما أنا بقولك أهو.
بيلسان بسخرية:
_لا والله!
ديما وهي تضحك:
_بهزر يا بيلي ده أنتِ اللي هتزهقي مني يلا إحكيلنا حدوته.
بيلسان بدهشة:
_أنتم خلاص كبرتو
جلس آسر أمامها:
_لأ إحنا صُغيرين يلا إحكي.
ابتسمت بيلسان على أحفادها الذين لا زالوا صغار ثم بدأت:
_كان يا مكان يا سعد يا إكرام ما يحلى الكلام إلا بالصلاة على سيدنا النبي... من زمن بعيد انتشر فيه السحر وملته الچنيات.
كانت ميلا تتحرك وسط الغابة بسعادة وتتخيل أن لديها جهاز ذكي تقدر به على التواصل مع البشر أنهت تخيلاتها وفتحت عيناها لتلقى ذلك الجهاز بين يديها جهاز بحجم أكبر من الهاتف، لم يكن هناك هاتف بذلك الزمن، وبه أرقام جانبيه وشاشة كبيرة.
ميلا بسعادة:
_ما هذا؟ هذا الجهاز الذي صنعته بخيالي.
بدأت بالتقليب بذلك الجهاز لتسرح بمخيلتها وتتمنى أن تقدر على الوقوف على ممشاة وتقدر على التحرك بها بكل حرية لكن لم يتحقق شيء لتنزعج بشدة.
ميلا بدهشة:
_لماذا لم يتحقق ذلك أيضًا.
تركت الجهاز بضيق:
_آلة بلا فائدة.
ليأتيها صوت من خلفها:
_من قال أنها بلا فائدة؟
صرخت ميلا بخوف:
_لا تقتلني!
ثم اقتربت منه:
_من أنتَ ولِمَ تبدو هكذا!
كان ذلك الشخص شفاف ولونه أبيض ليبتسم لها:
_أنا چنيٌ أدعى دُوسر.
ميلا بعدم فهم:
_ماذا؟ جنيٌ مثل چنيات الأحلام هكذا؟
ضحك دُوسر:
_نعم.
اقتربت منه وحاولت لمسه لكن فشلت ليصرخ بها:
_ابتعدي ما شأنك بلمسي؟
ضحكت ميلا:
_أريد أن أعلم هل أنتَ من مخيلتي أم حقيقي لكنك من مخيلتي.
دوسر بضيق:
_لست من مُخيلتك ميلا.
ميلا بدهشة:
_كيف ذلك أنا لا أقدر على لمسك!
بدأ دوسر بالشرح لها:
_أغمضي عيناكِ وستقدري على لمسي.
لتبتسم ميلا وتغمّض عيناها وتلمسه لتراه ملاك فتضحك بسعادة وتفتح عيناها فيرتد جسده بقوة وتصرخ هي بذعر.
دوسر بعِتاب:
_لِمَ فتحتي عيناكِ.
ميلا بخوف:
_لا أعلم لَم أرى شيء سأرحل.
دوسر محاولًا الهدوء:
_إنتظري أنا جني ذلك الجهاز.
لتنظر ميلا للجهاز الذي صنعته بخياله:
_الجهاز العاطل الذي لا يعمل؟
إقترب دوسر من الجهاز وحمله:
_أنتِ التي لم تقدر على استعماله صحيح.
ميلا بإبتسامة وهي تأخذ الجهاز منه:
و كيف إستعماله دُوسر؟
إبتسم دوسر على نطقها لإسمه:
أغمضي عيناكِ وتخيلي لا تتركيهم مفتوحتان.
لتفعل ميلا ذلك وعندما تفتح عيناها يكون دُوسر يساندها وهي تقف على تلك الممشاة.
صرخت ميلا بخوف:
_سأقع!
دُوسر وهو يضحك:
_لن تقعي فقط ثقي بذلك.
فعلت ما قاله دُوسر لتبدأ بالتحرك بسعادة ثم نظرة له:
_ما جنسيتك؟
دوسر بابتسامة:
_الحُب.
ابتعدت عنه بريبة منه:
_حسنًا تبدو غريبًا ولكن لا يهم الآن ما يهم.
أغمضت عيناها ثم فتحتها ونظرت لِمَّا بيدها:
_تِلك حلوى!
ظلت ميلا هكذا لشهرٍ كامل ثم بيومٍ ما:
_دُوسر هل إن أغمض أحدهم عيناه مثلي ستتحقق أمانيه؟
تعجّب دُوسر كثيرًا من سؤالِها!! ثم أجاب:
_لا
ميلا بدهشة:
_لماذا؟
أشار دُوسر لها على حجر ما:
_إجلسي ميلا لابد أن تعلمي كل شيء عن قوتك.
جلست ميلا وهي تضحك بسخرية على ذاتها:
_أي قوة دُوسر ما هذا إلا سحر.
ابتسم دُوسر:
_هذا رأيك لكنه خطأ، أنا جنيٌ.
ميلا بإبتسامة:
_أعلم.
دُوسر بنفاذ الصبر:
_اتركيني أتحدث ميلا.
ضحكت ميلا:
_حسنًا أعتذر.
نظر دُوسر بعيناها:
_أنا أحبك.
نظر لملامحها التي خجلت ثم أكمل:
_وأعلم أنكِ تتمنينا الكثير لذلك صنعت لكِ الجهاز لكنكِ فشلتِ باستخدامه لذلك اضطررت للظهور لكِ هذا ليس شكلي.
ابتسمت ميلا:
_أُريد رؤيتك.
عاد دوسر للخلف:
_لا ستكرهيني وتخافي.
اقتربت ميلا وأغمضت عيناها حتى تقدر على لمسة وجنته:
_أشكرك لتحقيق أمنياتي ولكن لم أخاف منك من قبل ولن أخاف.
دُوسر بدهشة:
_لماذا؟
ميلا بابتسامة:
_لأني أُحبك.
سَعد دُوسر كثيرًا لتقول ميلا وهي تبتعد:
_سأفتح عيناي.
مسك دُوسر ميلا حتى لا تبتعد:
_إن أردتِ رؤيتي لا تبتعدي وافتحي عيناكِ.
فتحت ميلا عيناها سريعًا ليرتد جسد دُوسر سريعًا فتغمض عيناها:
_أعتذر أعتذر.
دوسر بألم:
_افتحي عيناكِ بهدوء ميلا وأعتذر منكِ إن خِفتِ.
لتأخذ ميلا أنفاسها وبدأت بفتح عيناها بهدوء وبطأ ثم تفتحهم على مسرعيهما ليضع هو يده على عيناها.
دوسر بحزن:
_قلت لكِ ستخافين.
ابتسمت ميلا وابعدت يديه بهدوء وضحكت:
_تبدو رائعًا وغريبًا!
كان دُوسر ملامحه غليظة وطوله متران أو اكثر ولديه ما يقارب للقرون.
لينظر لها بدهشة وهي تدور حوله:
_حقًا ميلا؟
احتضنته ميلا بسعادة:
_حقًا تمنيت دائمًا أن يكون زوجي كبير ومختلف.
دوسر بدهشة:
_تمنيتي!
ابتسمت ميلا:
_نعم.
دوسر بحزن:
_لذلك يتغير شكلي... ميلا ما كنتِ تُشاهدي عندما تغمضي عيناكِ هذا أنا أما هذا الشكل أنتِ من اختاره.
ميلا بلا مبالاة:
_لا يهم أنا أُحبك هكذا.
ضحك دُوسر:
_هل هدأتي سيحدث لي شيء بالبداية "لأني أُحبك" والآن زوجي و أنا أُحبك!
ضحكت ميلا:
_وإن لم تحبني هل كنت ستظهر لي.
دوسر بابتسامة:
_لا أنا أحببتك منذ ولادتك لِذلك لم تُحبي أحد غيري لأنكِ كُتبتي لي وهكذا كان سيحدث إن أحبك أي چني أما إذا لم يُحبك أي چني كان سيحبك أي بشريٌّ كالباقية.
ميلا بغرور مصتنع:
_لم يكن ليحدث ذلك فأنا مميزة ولن يُحبني غير شخص مميز... مثلك دُوسر.
كان آسر وسيف وديما وأسيل يمكسون بالخيال ويتخيلون ما يحدث حتى أفاقوا على قول بيلسان:
_توتة توتة خلصت الحدوتة.
ديما بحزن:
_ييي ليه خلصت!
أسيل بسعادة:
_مش مهم المهم هو ممكن يكون في جنيّ بيحبني وينفذلي أمنياتي؟
سليم بمكر:
_وفي الآخر يطلع شيطان ويكِلِك.
أمسكت ذراعه بخوف وصرخت:
_مش عايزة مش عايزة خليه يمشي يا سليم.
ضحك سليم:
_خلاص بهزر.
بيلسان:
_الحب بيتولد بين أي اتنين من أول لقاء من نظرة بس بيبقى صُغير ولمّا يجي الوقت المُناسب بيكبر الحُب وبيتجوز الاتنين... أنتم عارفين طبعًا إن الحُب مش لازم يكون بين ولد وبنت ممكن بينك أنتِ وصحبتك أو أنتَ تكون بتحب صحبك الفلاني، والدتكم، والدكم كده يعني.
صمتت تأخذ أنفاسها وتراقب نظراتهم ثم تحدثت:
_الحب ممكن يتجدد مهما حصل حتى لو قَل حُبي ليك مُمكن يتجدد ويكبر تاني إلا في حالة واحدة فقدان الثقة والأمان.
بفقدان الثقة تُصبح العلاقات من الماضي ولا تقدر على إحياء ذلك الماضي مهما حدث وفقدانِك الأمان بعلاقة ما يجعلها مستحيلة.
سليم وهو ينظر لأسيل:
_الحب شيء لطيف.
أرى أن هناك مولود من الحُب يكبر بتلك العائلة.
"أعثر على مولودك من الحُب وتمسك بالطرف الآخر ما دام الأمان والثقة مُتواجدين"
لـِ رُؤىٰ جمال.
جميلة جدا
ردحذف