فنجان و وردة و لوحة |"جريدة عقول راقية" - جريدة عقول ‏راقية

احدث المواضيع

Post Top Ad

أعلن هُنا

Post Top Ad

أعلن هُنا

أغسطس 27، 2021

فنجان و وردة و لوحة |"جريدة عقول راقية"


#رُؤىٰ_جمال.   

نفسِي أندهلك بِكلمة ما اتقالتش لحد تانِي، كِلمة قد هواك دا كلّه، قد أشواقي وحنانِي، كِلمة زيّك، وإللي زيّك فين... فين يا حبيبي. 
أنهت كلمات الأغنية و نظرت للوحة أمامها كانت قد رسمت ذاتها و بيدها شخص يرحل بِدون ملامح اكتفت بوضع ألوان بيدها تمعنت بِالرسمة بابتسامة حزينة و نظرت لكوب القهوة بجانبها و عصير المانجو. 
:مجاش لحد دلوقتِ ليه؟
حتى لمحت طفل يأتي إليها ركضًا ليقف أمامها لاهثًا: أسف يا أبلة بسملة اتأخرت انهارده أصل... 
قاطعته بابتسامة: خلاص يا بكار. 
رد بتذمر و هو يحمل القهوة: مسميش بكار يا أبلة أنا أحمد. 
لامست وجنته: بس ملامحك بتقول إنك بكار. 
بكار و هو ينظر للرسمة: اللي تشوفيه يا أبلة. 
امسكت بسملة عصيرها و نظرة للغروب: سألوني الناس عنك يا حبيبي كتبوا المكاتيب و اخدها الهوا بيعز عليَّ.... سألوني الناس عنك سألوني قلتيلهم راجع. 
صدح تصفير بكار: صوتك جميل يا أبلة. 
ضحكت بسملة: مش حافظة الأغنية أصلًا بس تمام. 
ظلت تنظر للغروب و تتذكر الوُعود:
_بسملة أنا معاكِ.
_هفضل أحبك لآخر العمر يا بسملة. 
_بسملة اللي في قلبي ليك مش صداقة ده حُب و لو رفضتي حُبي أنا مش هسيبك هفضل معاكِ للأبد. 
قاطع فقرة الوعود الكاذبة تلك بكار: يلا يا أبلة الغروب خلص نلحق نروح العشة يلا. 
ابتسمت و ساعدها بحمل الأشياء لمكان مكوثِها وصلت و أبدلت ثيابها و جلست تتذكر منذ عزِمت على تحقيق أحلامها بعد فشلها بالحُب ثلاث مرات فبدأت بالسفر لأسوان و جلست مع عائلة تستقبل الضيوف عائلة بكار. 
تجلس معهم منذ أربع شهور تدفع المال القليل و تبيع اللوحات لسياح و تجلس وقت الغُروب أو الشُروق على النيل ترسم للتتذكر ما كانت تفعله بالبداية: 

جلست بسملة و طلبت قهوة و هي تقول: الراعي الرسمي للحُزن. 
و من ثم بدأت بالرسم لتنهي رسمتها و تغلق مسجل الموسيقى بجانِبها و تسكب القهوة على لوحة فارغة و تحرك يدها كاتبة "لعنة الحُب لعنة فُؤادي". 
ظلت هكذا على مدار أسبوعين تسكب القهوة حتى يومًا رأها بكار و هو أتٍ لأخذها للمنزل. 
: ليه كده يا أبلة! 
ابتسمت بسملة: مبقتش أحبها. 
بكار: بس أنا بحبها. 
بسملة: خلاص بعد كده هسيبهالك متزعلش. 
بكار: القهوة دي زي الونس معاك في فرحتك، في حُزنك، في تفاصيل كتيرة في ابتسامة حزينة و ضحكة وجع في ليلة تحت القمر و في الصبح على صوت أُم كلثوم و الشُروق بيطلع و في الفجر مع شيكولاته على صوت فيروز، القهوة روح و حياة تانية. 
أعجب كلام بكار بسملة لتلعب بخصلاته: أنتَ عندك كام سنة يا عاشق القهوة أنتَ. 
بكار: عشر سنين يا أبلة بس دايمًا بقعد مع ولد العمي الكبير يونس هو بيقولي الكلام ده. 

خرجت بسملة من ذكرياتها على صوت أذان المغرب لتتجه للصلاة و يمر الوقت و تنام بعد صلاة العشاء. 
بدأت أشعة الشمس بتسلل للبلد و اللمعان وسط النيل لتخرج بسملة لمكانها و تجلس أمامة لوحتها و تبدأ بالرسم و تندن: نفسِي أندهلك بكلمة ما اتقالتش لحد تانِي، كِلمة قد هواك دا كلّه، قد أشواقي وحنانِي، كِلمة زيّك، وإللي زيّك فين، كلمة زيك، كلمة زيك واللي زيك فين؟ كلمة زيك، كلمة زيك واللي زيك فين، فين؟ ده إنت زيك، ده إنت زيك ما اتخلقش إثنين. 
توقفت و كادت تكمل حتى استمعت: صباحك ورد، صوتك لطيف. 
نظرت خلفها بدهشة لتلتقي عيناها بشابٍ في الثلاثين من عُمره ببشرة قمحية و عيون عسلية ظهرت كالذهب أثر شعاع الشمس. 
: أسف إني خضيتك كده. 
ارجعت بسملة حجابها للخلف: لا مفيش حاجه. 
: ممكن أقعد. 
أخذت هاتفها من على المقعد الآخر: أه طبعًا اتفضل. 
ابتسم ابتسامة أظهرت غمازته الخفيفة: شكرًا. 
نظر لرسمتها: رسمك حلو. 
بسملة تحرك أحد أصابعها بالألوان: تسلم. 
: تشربي قهوة؟ 
نظرت بسملة بساعة يدها: شكرًا بس أنا لازم أمشي. 
نظرت للعامل بالمكان: أنا هسيب حاجتي هنا... سلام. 
قالت سلامها، لذلك الشاب و رحلت ليقترب هو من رسمتها كانت رسمت بنت تجلس و تبكي و المُعصرات خبأت الشمس. 

مر الوقت و باعت بسملة بعض من لوحاتها و عادت لمكانها لتجلس و تطلب كعادتها قهوة و عصير و اختلف تلك المرة و طلبت قهوة أخرى و نظرت لرسمتها لتتفاجأ بجواب فتأخذه و تبدأ بالقراءة: 
مقدرتش أعرف إسمك من الرسمة لأنك كتباه مشبك! بس أنتِ ورده و صوتك لطيف جدًا هحاول أجي تاني عشان أسمعه و رسمك جميل بس سامحيني إني لعبت في الرسمة و خليت شعاع الشمس يمر من السحاب، خلي عندك تفائل دايمًا يا ورد. 
ابتسمت بسملة و وضعت الجواب جانبًا و نظرت للرسمة كان قد سمح لبعض الأشعة بأن تمر من السحاب الذي خبأ الشمس و يستقر عند الفتاة و كتب أسفل الرسمة "هناك أشعة أمل دائمًا حولك فقط ابحث عنها". 
لتبدأ برسم لوحة جديدة بابتسامة و هي تُردد كلمات أم كلثوم حتى جاء بكار: 
الله يا أبلة حلوة الرسمة دي. 
كانت رسمة فتاة بفستان أبيض ترقص مع فتى ببدلة العِرس. 
بكار و هو يشرب القهوة: هترمي القهوة التانية!
بسملة: اشرب و أنتَ ساكت. 
ليصمت و ينظر في الأرجاء و هو يشرب أما بسملة فظلت ترتشف عصيرها و تتخيل ذاتها محل الفتاة و ترقص في إحدى الأفلام مع الوحش لتفيق على صوت بكار: ولد عمي يونس. 
تركها بكار و ركض لتنظر حيثُ ركض: إيه ده بكار عارف الواد بتاع الصبح. 
نظرت سريعًا للرسمة التي أضاف بها يونس بعض اللمسات كان قد أضاف توقيع خاص به لكن لم تقدر هي الأخرة على معرفة اسمه فقط قدرت الآن. 
اقترب يونس و بكار من بسملة ليقول بكار: أبلة بسملة ضيفة في بيت الضيافة يا يونس... يونس ولد عمي يا أبلة اللي بيحب القهوة. 
ظل الاثنان ينظران لبعض حتى قال يونس لبكار: خد قهوتك و ارجع لعمي هو عايزك و أنا هبقى أجيب الأنسة. 
رحل بكار و جلس يونس: إسمك برضوا جميل. 
بسملة و هي لا تعي شيء: إسم مين! 
يونس بدهشة: إسمك أنتِ. 
بسملة: أنا مين؟ 
يونس: أنتِ شاربة حاجة؟ 
بسملة بسرعة: عصير و الله. 
ضحك يونس: مش بتشربي القهوة! 
امسكت بسملة القهوة الثانية و أعطتها له: كنت حاسه إنك هتيجي و طلبتلك قهوة معايا. 
ضحك يونس: هي بردت بس هشربها. 
بسملة: تبقى أحلى لما تبرد. 
يونس: مبقتيش تشربيها؟
بسملة: مش كده بس زهقت كل ما أشربها تقلب المواجع فمن يوم ما رجعت هنا مشربتهاش. 
يونس: أنتِ مش من هنا صح؟ 
بسملة بدهشة فهي قمحاوية مثلهم: اه بس عرفت منين؟ 
يونس: ملامحك بتقول إنك مش من هنا و لهجتك. 
بسملة: اتولدت هنا بس سافرة القاهرة و رجعت من أربع شهور.
صمتت بسملة ثم قالت: بشكرك على دفعة الأمل اللي سيبتهالي. 
يونس: تحبي أعزمك بليل على قهوة؟ 
بسملة: قهوة لأ. 
نظر يونس لعصيرها: عصير مانجا.
بسملة: و هتشرب مانجا معايا و لا قهوة؟ 
يونس: مش بحب المانجا بس لأجل عيونك أشرب مانجا. 
ابتسمت بسملة: بليل بعد العِشاء هستناك هنا عشان فنجان القهوة على صوت فيروز. 
ضحك يونس فمن الواضح أن أحمد_بكار_ قال لها و أوقفها قبل أن ترحّل: فنجان قهوة و وردة لأجمل وردة. 
نظرت له طويلًا: و ممكن رواية؟ 
يونس بابتسامة و هو يحمل معها أشيائها: فنجان قهوة و وردة و رواية على التل تحت القمر.

مر الوقت و التقى الاثنان على التل ليخرج يونس وردة و يقدمها لبسملة لتأخذها و تبتسم ثم يُخرج رواية لتقول بسملة: إيكادولي! 
يونس بابتسامة: أه قرأتيها؟ 
هزت بسملة رأسها بمعنى لا ليقول: حلو نقرأها مع بعض. 
و أخرج زجاجة حرارية مليء بالقهوة و بعض الشيكولاتة. 
يونس: متفقناش على الشيكولاتة بس جبتها تنفع. 
ضحكت بسملة: تنفع و ماله. 
جلس الاثنان على التل أسفل القمر بيد كلًا منهما رواية إيكادولي و بجانبهما كوبين للقهوة و شيكولاتة و صوت فيروز يعم المكان، استخدمت بسملة الوردة كفاصل للرواية.
مر الوقت سريعًا و لم يشعر به كان يقومان للصلى و يعودان حتى حل وقت الظهر لتصرخ بسملة: 
أخيرًا جالها جال أحبك جالها. 
نظر لها يونس بمللٍ منها لتضحك: أسفة أسفة. 
ثم عادت تقرأ ليبتسم فهي منذ البداية و كلما حدث شيء يحزنها بكت و إن حدث موقف يضحكها ضحكت تتغير ملامحها بالدقيقة أكثر من مرة ليكمل هو. 
لتمر ساعات أخرى و يقول يونس: انتهيت. 
بسملة: استنى لسالي خمس صفح. مرت دقائق ثم قالت: خلصت. 
يونس: لخصيلي الرواية. 
بسملة بتذمر: إيه شغل المدرسة ده. 
ضحك يونس ثم قال: خلاص. 
بسملة: لأ مش خلاص. 
بدأت تسرد له الرواية و هو يشاركها لتنهي كلامها: عارف يا يونس بحب الروايات الفصحى عشان اعترافهم بالحب.
يونس بعدم فهم: مفهمتش!
بسملة و هي تنظر لغروب الشمس: بحب كلمة "أنا أحبك" بتبقى أحلى من "بحبك" اللهجة الأم_الفصحى_ ليها رونق خاص.
ابتسم يونس ثم قال بتردد: بسملة عايزه أقولك حاجة. 
ابتسمت بسملة: اتفضل. 
يونس بابتسامة: صفحة 273 تاني كلمة في الصفحة. 
نظرة له بعدم فهم ليشير لرواية بجانبها بعيناه فتفتح الصفحة: أحبك. 
تصنمت محلها و يونس يراقبها لتبتسم و تفتح الصفحة التي وضعت بها الوردة و تقول رقم الصفحة: 240 السطر السابع آخر كلمة. 
فتح يونس بقلق ليبتسم و هو يرى كلمة: أحبك. 
ليخرج من الصندوق أدوات رسم و قدمها لها: 314 ثالث سطر من الأسفل. 
قرأت بسملة "هل تقبلين الزواج منّي؟" لترد: نعم أقبل. 

"و حُب يشارِكَك التفاصيل، يغنيك عن العالم". 

لـِ رُؤىٰ جمال.

هناك تعليق واحد:

برعاية تطبيق وجريدة لحظة

برعاية تطبيق وجريدة لحظة
برعاية تطبيق وجريدة لحظة