"فُتات قلبٌ مُحطَّم"
جاء المَنشور المُخيف الذي يتحَدث عن "هَشَّة الذكرياتِ" أعلمُ أنك لن تقرأ هذا، وصِدقًا أنا لا أريدُك أن تقرأه، ضَع بإعتِبارك من الآن فَصاعِدًا لن تعُود المياه إلى مجَاريها، ولن يأتِي الغيث، ولن تَهُبَّ الرياح، أنا لَستُ أنا حَيثُما أنت أنتَ! إنه أنت يا عزيزي، مُحطمي الأول والأخِير وقفتُ أمام ذلك الطرِيق، ذلك الدرب الذي شهِد تاريخ حُبنا، فَلم أجِد إلا أطلال زائلة مُتهالِكة، وبقايا عُمر رَحل نحو المجهول، وذِكريات بالِية لن تَعود وأحلام ضائِعة بين الأيامِ والشهورِ، ذكريات الأمسِ المؤلِمة بعد حُب اندفنَ بين سَرابِ الخيانة ورحل إلى عالم آخر، وذكريات تعتَصِر القلب ويلتَهب من جَمرِها العُمر، يُؤلمنِي أن أتذكر دَفتر خواطرِي الذي أهديتُك إياه؛ لِتحفظ ما فيه لكَ بِقلبك وروحك، ويترسَّخ في عقلِك كما ترسَّخت أحرفُه بِثنايا قلبِي حِين كتبتهُ لكَ وحين سألتُك عنه أجبتنِي أنه ضاع! كيفَ يَضيع يا سيدي، وبِه كل عمري وسنواتِ حبي لك وأروع ذكرياتِي معك قد سَطرتُها بِه! لم تَعتنِ بأشيائِي الصغِيرة التي أحبهَا ولم تصِبني ما أتمنى، طريقُنا المعهُود بات يحمِل أسوأ ذكريات ليس بها إحسَاس أو فرح، بل كُل ما فِيها يُؤلم ويُوجع ويَقتل، سأُدوِّن ذكرياتِي المُؤلمة معك في كُتب ومن ثَمَّ أرسِلها لك، عُدت إلى غُرفتِي المُظلمة البادرة، اقتربتُ من مخدعِي واتكئتُ على وسادتِي لكي استريح وأستعِيد بعضًا مِن عافيتِي، داهمتنِي ذكرياتِي، أرهقتنِي بِشدة حتى أبكتنِي، مزقت قلبي فَمزقتُ دفترِي وتناثَرت أوراقهِ بكل مكان في غُرفتِي، فإذا بِي أسمع صوتٍ خافِت، صوت يئِن، صادرٌ من أوراقِي، خاطبتنِي مُتألمة ماذا فعلتي بي! أجبتُها أنتِ من فعل هذا بِي، سُحقًا لكِ أنتِ من آلمنِي ومزق قلبي، أصبَحت أكره الظلام الذي طالما أحببته، في مُنتصف الليلِ من كل يوم يُصبح سقف حُجرتِي المَيدان المُناسب لِتلاطُم الذكرياتِ، رضيتُ بالغيابِ ولكن الذكرى لم ترضَ بالرحيلِ، كل شيء يُذكرنِي فيها أطيافِها خيالِها وحتى أرجاءِ المكان يَعُم بِصوتها، بقايا ألم وجراح فِراقها، كل شيء يتجمدُ في الشتاءِ إلا العِطر، والحنينِ، والذكرياتِ، وبعضُ الأمنياتِ، في خارِطة الحياة، سقطتُ في مدِينة العِشق، وسكنتُ مدِينة الإنتظارِ، وعبرتُ بُحور الحَنين؛ لأصِل لِهاوية النسيانِ، ومازِلت تائِهة في طَريق الذكرياتِ.
لـِ ياسمين المغربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق